لم يتفاجئ المتابعون وحدهم بالتمريرة السحرية التي قدمها النجم الألماني توني كروس لزميله في ريال مدريد، البرازيلي فينيسيوس جونيرو، بل حتى دفاع بايرن ميونخ فوجئ وربما دُهش بعبقرية تلك التمريرة الحاسمة التي افتتحت شريط الأهداف في مباراة عظيمة في ملعب “أليانز أرينا” انتفض فيها أصحاب الأرض على الضيف الثقيل بعد سبات لكن الضيوف خرجوا بأقل الأضرار في نهاية المطاف.
بايرن الذي بدأ المباراة بقوة عبر فرض ضغط على الدفاعات الإسبانية ببداية المباراة وكاد أن يُسجل في مناسبتين عبر ليروي ساني، لم يصمد أمام جودة لاعبي الوسط ومهاجمي الفريق الملكي، وتلقى الهدف الأول عند الدقيقة 24 وبعد 10 دقائق فقط من صدور قرار في ريال مدريد بالخروج من المناطق والاستحواذ بشكل أكبر على الكرة.
ومثلما أن لكل قصة حبكة، فحبكة قصة هذه المباراة تكمن بتلك التمريرة التي أرسلها كروس كاسرا بها تمركز قلبي دفاع الفريق الألماني، إذ ذهب إيريك داير في رحلة مع جود بلينجهام لجهة اليسرى في حين وقع كيم مين جاي في فخ فينيسيوس الذي راوغه بجسده بعد أن استدرجه إلى خارج منطقة الجزاء بـ20 ياردة تقريبا ثم استدار واستغل سرعته ليتفوق على الكوري ويصل إلى الكرة التي أرسلها المايسترو توني في المساحة الخالية خلف كيم، وفق سي إن إن.
وفي ظل تعقيدات المباراة كانت إشارة واحدة من يد كروس لفينيسيوس، كي يهاجم المساحة الخالية، كافية لإسقاط النظام الدفاعي البافاري وتسجيل الهدف الأول.
لم يستفق بايرن سريعا من صدمة هدف فيني رغم محاولته الاستحواذ على الكرة بشكل أكبر لكن دفاعات الريال العميقة وتقارب الخطوط جعل استحواذ البايرن يبدو بلا هدف وبلا أي تأثر على مرمى الحارس الأوكراني أندريه لونين الذي أنقذ فريقه في بداية المواجهة من هدف محقق.
وظهر الريال هادئا واثقا بقدرته على تسيير المباراة كما يشاء وكان يعرف أن البايرن لا يفوز بالمباريات التي يمتلك بها الاستحواذ، لكن الفريق البافاري بقي هادئا أيضا ولم يُجازف أو يتسرع في السعي لتسجيل التعادل وحافظ على توازنه نسبيا حتى نهاية الشوط الأول.
بعد بداية الشوط الثاني بـ5 دقائق تقريبا، راوغ فينيسيوس كيم مجددا واستدرجه إلى خارج منطقته ثم مرر كرة لبيلينغهام الذي كان دخل في عمق الملعب ليجذب نحوه داير والظهير الأيمن جوشوا كيميتش قبل أن يُمرر الكرة لكروس على الجهة اليسرى الذي وجد أمامه مساحة كبيرة خالية فقرر تسديد الكرة بقدمه اليمنى على يسار الحارس الألماني مانويل نوير لكن الأخير كان في الموعد وأنقذ فريقه من هدف كان كفيلا بقتل آمال أصحاب الأرض في هذه المواجهة.
نجاة البايرن من هدف كروس كان نقطة تحول رئيسية في هذه المباراة بل وكانت أيضا جرس إنذار أيقظ الفريق البافاري من سباته.
بعد تلك اللقطة بثلاث دقائق فقط استلم ساني الكرة على الجهة اليمنى وراوغ الظهير الأيسر للريال، فيرلاند ميندي، ثم سدد كرة قوية في الزاوية الضيقة على يسار لونين ليعلن تقليص الفارق وتصبح النتيجة هدفين مقابل هدف وحيد.
لم يكتف البايرن بهدف وحيد، فالهزيمة على أرضه كانت مرفوضة تماما في ظل الزخم الكبير الذي صنعه هدف ساني، ففي لمح بصر، غافل توماس مولر أورييل تشواميني وانطلق بالكرة من خلفه ومررها للمنطلق على الجهة اليسرى جمال موسيالا، الذي لا يحتاج لمن يعلمه كيف يراوغ لأنه من أفضل اللاعبين في العالم بهذه الخاصية.
دخل موسيالا إلى منطقة جزاء الريال ونجح بالحصول على ركلة جزاء بعد تدخل من لوكاس فاسكيز الذي عانى كثيرا أمام الشاب الألماني، ليُترجم هاري كين ركلة الجزاء إلى هدف ثان لفريقه.
ثورة بايرن في الشوط الثاني لم تأت بمحض الصدفة، فتدخلات المدرب توماس توخيل الذي أخرج ليون غوريتسكا بين الشوطين وجازف بالظهير الأيسر رافائيل غيريرو كلاعب وسط ميدان إلى جانب كونراد لايمر، أتت ثمارها.
بعد الهدف الثاني للبايرن، شعر مدرب الريال كارلو أنشيلوتي أن الوقت قد حان للتدخل، فجاءت أولى تبديلاته بإقحام إدواردو كامافينغا بدلا من ناتشو، وتحويل تشواميني إلى مركزه الجديد كقلب دفاع ثان، ثم انتظر 9 دقائق قبل أن يُشرك لوكا مودريتش بدلا من بلينغهام وبراهيم دياز بدلا من كروس.
هذه التبديلات غيرت طريقة لعب الريال إلى 4/3/3 بعد أن كانت 4/4/2، فأصبح الضيوف أكثر جرأة وحدة على مرمى البايرن رغم بعض المحاولات الخطيرة للفريق البافاري.
الديناميكية والحركية في خط وسط الريال مع نزول مودريتش أسفرت في نهاية المطاف عن تحصل رودريغو على ركلة جزاء بعد وقت قصير من إهدار فينيسيوس لانفراد صريح أمام نوير، بعد أن نجح بإيقاع كيم مين جاي بخطأ آخر.
تحصل الريال على ركلة الجزاء عند الدقيقة 81 من عمر اللقاء بعد أن تلقى رودريغو تمريرة من فيني داخل منطقة الجزاء، ليقع البايرن مرة أخرى ضحية أخطاء المدافع الكوري الجنوبي الذي عرقل رودريغو وتسبب بالركلة.
وبينما كان نوير يحاول مراقبة لغة جسد فينيسيوس قبل تنفيذ الركلة، نجح اللاعب البرازيلي بخداع العملاق الألماني ووضع الكرة على يساره بينما توجه نوير إلى الجانب الأيمن من مرماه، لتصبح النتيجة 2-2.
التعادل
رضي الفريقان بالتعادل رغم بعض المحاولات الخجولة من البايرن لخطف هدف ثالث مع نزول سيرج غنابري بدلا لمولر وخروج ساني ودخول ألفونسو ديفيو على الجهة اليسرى، في حين أجرى الريال تغييرا أخيرا بدخول خوسيلو بدلا من رودريغو، على أمل ضرب أصحاب الأرض بكرة عرضية.
وأسدل الفريقان الستار على مباراة مثيرة شهدت الكثير من التحولات والأخطاء واللحظات الإبداعية التي صنعت مشدها مميزا يُبشر بموقعة نارية الأربعاء المقبل في ملعب سانتياغو برنابيو في العاصمة الإسبانية مدريد.